سورة القصص - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{وما كان ربُّك مُهْلِكَ القُرى} يعني القرى الكافر أهلها {حتَّى يَبْعَثَ في أُمِّها} أي: في أعظمها {رسولاً}، وإِنما خصَّ الأعظم ببعثة الرسول، لأن الرسول إِنَّما يُبعث إِلى الأشراف، وأشراف القوم ملوكهم، وإِنما يسكُنون المواضع التي هي أُمُّ ما حولها. وقال قتادة: أُم القرى: مكة، والرسول: محمد.
قوله تعالى: {يَتْلو عليهم آياتنا} قال مقاتل: يخبرهم الرسول أنَّ العذاب نازل بهم إِن لم يؤمنوا.
قوله تعالى: {وما كُنَّا مُهْلِكي القرى إِلاَّ وأهلها ظالمون} أي: بظلمهم أُهلكهم. وظلمهم: شركهم. {وما أُوتيتم من شيء} أي: ما أُعطيتم من مال وخير {فمتاعُ الحياة الدُّنيا} تتمتَّعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي، {وما عند الله} من الثواب {خير وأبقى} أفضل وأَدْوَم لأهله {أفلا تَعْقِلون} أَنَّ الباقي أفضل مِنَ الفاني؟!
قوله تعالى: {أفَمَنْ وَعَدْناه وَعْداً حَسَناً} اختُلف فيمن نزلت على أربعة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل.
والثاني: في عليّ وحمزة عليهما السلام، وأبي جهل. والقولان مرويان عن مجاهد.
والثالث: في المؤمن والكافر، قاله قتادة.
والرابع: في عمَّار والوليد بن المغيرة، قاله السدي. وفي الوعد الحسن قولان:
أحدهما: الجنة.
والثاني: النصر.
قوله تعالى: {فهو لاقِيه} أي: مُصيبه ومُدْرِكه {كَمَنْ مَتَّعْناه متاع الحياة الدنيا} أي: كمن هو ممتَّع بشيء يفنى ويزول عن قريب {ثُمَّ هو يومَ القيامة من المُحْضَرِين} فيه قولان:
أحدهما: من المُحْضَرِين في عذاب الله، قاله قتادة.
والثاني: من المُحْضَرِين للجزاء، حكاه الماوردي.


قوله تعالى: {ويوم يناديهم} أي: ينادي اللّهُ تعالى المشركين يومَ القيامة {فيقول أين شركائيَ} هذا على حكاية قولهم؛ والمعنى: أين شركائي في قولكم؟! {قال الذين حَقَّ عليهم القول} أي: وجب عليهم العذاب، وهم رؤساء الضلالة، وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم رؤوس المشركين. والثاني: أنهم الشياطين {ربَّنا هؤلاء الذين أَغْوَينا} يعنون الأتباع {أَغْوَيناهم كما غَوَيْنا} أي: أضللناهم كما ضَلَلْنا {تبرَّأْنا إِليكَ} أي: تبرَّأنا منهم إِليك؛ والمعنى: أنهم يتبرَّأُ بعضهم من بعض ويصيرون أعداءاً. {وقيل} لكُفَّار بني آدم {ادعوا شركاءكم} أي: استغيثوا بآلهتكم لتُخَلِّصكم من العذاب {فدعَوْهم فلم يستجيبوا لهم} أي: فلم يجيبوهم إِلى نصرهم {ورأَوُا العذاب لو أنَّهم كانوا يَهْتَدون} قال الزجّاج: جواب {لو} محذوف؛ والمعنى: لو أنهم كانوا يهتدون لَمَا اتبَّعوهم ولَمَا رأوُا العذاب.
قوله تعالى: {ويوم يناديهم} أي: ينادي اللّهُ الكفار ويسألهم {فيقولُ ماذا أجبتم المرسَلِين}. {فَعَمِيَت عليهم الأنباءُ} وقرأ أبو رزين العقبلي، وقتادة، وأبو العالية، وأبو المتوكل، وعاصم الجحدري: {فَعُمِّيَتْ} برفع العين وتشديد الميم. قال المفسرون: خفيت عليهم الحُجج، وسمِّيت أنباءً، لأنها أخبار يُخبرَ بها. قال ابن قتيبة: والمعنى: عَمُوا عنها من شدة الهول فلم يُجيبوا، و{الأنباءُ} هاهنا: الحُجج.
قوله تعالى: {فهم لا يتساءلون} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحُجَّة، قاله الضحاك.
والثاني: أن المعنى: سكتوا فلا يتساءلون في تلك الساعة، قاله الفراء.
والثالث: لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحمل عنه شيئاً من ذنوبه، حكاه الماوردي.
{فأمَّا مَنْ تاب} من الشِّرك {وآمَنَ} أي: صدَّق بتوحيد الله {وعَمِل صالحاً} أدَّى الفرائض {فعسى أن يكون من المُفْلِحِين} و{عسى} من الله واجب.


قوله تعالى: {وربُّكَ يَخْلُقُ ما يشاء ويختار} روى العوفي عن ابن عباس في قوله: {وربُّكَ يَخْلُقُ ما يشاء ويختار} قال: كانوا يجعلون لآلهتهم خير أموالهم في الجاهلية. وقال مقاتل: نزلت في الوليد ابن المغيرة حين قال: {لولا نُزِّلَ هذا القُرآنُ على رَجُلٍ مِنَ القريتين عظيمٍ} [الزخرف: 31]؛ والمعنى: أنَّه لا تُبْعَث الرسل باختيارهم. قال الزجاج: والوقف الجيِّد على قوله: {ويختار} وتكون {ما} نفياً؛ والمعنى: ليس لهم أن يختاروا على الله؛ ويجوز أن تكون {ما} بمعنى الذي، فيكون المعنى: ويختار الذي لهم فيه الخِيَرة ممَّا يتعبَّدهم به ويدعوهم إِليه؛ قال الفراء: والعرب تقول لِمَا تختاره: أعطِني الخِيْرَة والخِيَرة والخَيْرة، قال ثعلب: كلها لغات.
قوله تعالى: {ما تُكِنُّ صُدورُهم} أي: ما تُخفي من الكفر والعداوة {وما يُعْلِنون} بألسنتهم. قوله تعالى: {له الحَمْد في الأُولى والآخرة} أي: يَحْمَدُه أولياؤُه في الدنيا ويَحْمَدونه في الجنة {وله الحُكْم} وهو الفصل بين الخلائق. والسَّرمد: الدائم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8